وقاتل أهل صفين والخوارج بالنهروان" مع كونهم مسلمين؛ ليردهم عما هم عليه من البغي.
فإذا فقد شرط من هذه الشرائط؛ بأن لم يكن قوة، ولا منعةٌ، وإن تمسكوا بتأويل، أو لهم قوة ومنعة، ولا تأويل لهم، أو لم يخرجوا عن قبضة الإمام ولا ولايته، ولم ينصبوا إماماً؛ فهؤلاء يقروا إن لم يقاتلوا، ولا يتعرض لهم، وإن كانوا يتجنبون جماعات المسلمين، ويكفرون الإمام، ويظهرون رأي الخوارج إلا أنهم [إذا] صرحوا بسب الإمام وسب غيره من أهل العدل-: عُزروا، وإن عرضوا فلا؛ لأن علياً -رضي الله عنه- لم يُعزر من قال: "لا حكم إلا لله".
وقيل: يعزرون على التعريض، حتى لا يرتقوا إلى التصريح.
وإن قاتلوا فهم فسقة وأصحاب نهبٍ؛ فحكمهم حكم قطاع الطريق؛ عليهم ما على قطاع الطريٌ.
رُوي أن علياً سمع رجلاً من الخوارج يقول: "لا حكم إلا لله ولرسوله"، فقال عليٌّ: "كلمة حق أريد بها باطل" لكم علينا ثلاثٌ؛ لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدؤكم بقتال".
وإذا اجتمع الشرائط الثلاث في قوم، وثبت لهم حكم البغي: لا يبتدئهم الإمام شبهة كشفها لهم، وإن لم يظهروا نصحهم، ووعظهم، وقال لهم: ارجعوا إلى طاعتي، ودعوا ما أنتم عليه؛ لتكون كلمتكم وكلمة أهل دين الله على الأعداء واحدة، فإن لم يسمعوا دعاهم إلى المناظرة، فإن لم يُجيبوا إليها أو ناظروا، وظهر الأمر عليهم، فأصروا على بغيهم أخبرهم: "إنا مقاتلوكم"، فإن سألوا النظرة مدةً قريبةً يوماً أو يومين-: أنظرهم؛ لعلهم يرجعون، وإن طلبوا أكثر من ذلك كالشهر والشهرين: فإن رأى الإمام المصلحة في إنظارهم؛ بأن كان بأهل العدل ضعفٌ، حتى يتقووا، أو وقعت لأهل البغي شبهةٌ، فربما تزول-: أنظرهم، وإن خاف الإمام اجتماعهم، وشوكتهم، ومكرهم في الإنظار-: لم ينظرهم.
وإن أعطوا على الإنذار رهائن من الأولاد والنساء-: لم تقبل؛ لأنه لا يؤمن أن يكون