ولو خلع الإمام نفسه - نظر: إن كان بعذر من هرم أو علةٍ -: ينعزلن ثم إن ولي غيره قبل أن خلع نفسه-: انعقدت الإمامة للثاني.
وإن لم يول-: فالناس يجتمعون على تولية غيره.
وإن لم يهر به عذرٌ - نُظر: إن لم يول الغير-: لاينعزل، وكذلك: إن ولي الغير، وكان الثاني دونه، وإن كان صالحاً للإمامة.
وإن ولي الغير، وكان الثاني مثله، أو فوقه-: فهل ينعزل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا ينعزل؛ لأنه لا عذر له؛ فعلى هذا: إذا مات استحكمت ولاية من ولاه؛ كما لو استخلفه.
والثاني: ينعزل؛ لأنه ربما علم من باطنه ما لا يصلح معه للإمامة-: فعلى هذا: لو شككنا أن الثاني [هل] يصلح للإمامة-: أم لا؟ يحمل على أنه صالح، وأن الإمام نظر فيه للمسلمين، إذا ثبت.
فصلٌ
الإمام الباغي هو الخارج على الإمام العادل.
ولا يثبت لهم حكم أهل البغي إلا بثلاث شرائط:
أحدها: أن يكون لهم قوةٌ ومنعةٌ وعدة وشوكة، ولا يقدر عليهم إلا بجيش وقتال ونكاية.
والثاني: أن يكون لهم تأويل محتمل في الخروج على الإمام.
والثالث: أن ينصبوا إماماً مطاعاً ويخرجوا عن قبضة الإمام، وقيل نصب الإمام ليس بشرط بعد أن خرجوا عن قبضة الإمام وولايته.
فإذا اجتمع فيهم هذه الشرائط: فهم بغاةٌ لا يحكم لهم بكفر ولا فسق، حتى تقبل شهادة شاهدهم، وينفذ قضاء قاضيهم، ويقاتلهم الإمام على بغيهم مع كونهم مسلمين، لقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].
وكما قاتل الصديقُ - رضي الله عنه - ما بغي الزكاة؛ وكانوا يمنعونها بتأويل لا يوجب الكفر.
وقاتل عليٌّ -رضي الله عنه - أهل البصرة يوم الجمل.