فصل في الجمع
إذا نكح رجلٌ حرة [وأمة] معاً - نظر إن كان عبداً يجوز، وإن كان حراً لا يصح نكاح الأمة، وهل يصح نكاح الحرة؟ - نُظر: إن كان ممن لا يحل له نكاح الأمة - ففي صحة نكاح الحرة قولان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني: يصح.
والثاني: لا يصح؛ لأنه عقدٌ واحدٌ، فإذا فسد بعضه فسد كله.
وإن كان ممن يحل له نكاح الأمة، فإن كان قادراً على نكاح ذمية، أو سمحت الحرة بالمهر، وجوزنا له نكاح الأمة - فاختلفوا:
قال صاحب "التلخيص": لا يصح ناح الأمة، وفي نكاح الحرة قولان؛ كالأول.
قال الشيخ أبو زيد: لا يصح واحدة منهما؛ لأن نكاح كل واحدة على الانفراد -جائز، والجمع لا يجوز، وليس أحدهما بأولى من الآخر؛ كما لو مع بين أختين، فحيث قلنا لا يصح فذاك، إذا جمع بينهما إيجاباً وقبولاً.
فإن فرق بينهما؛ بأن قال: زوجت ابنتي بألفين، وأمتي بخمسمائة، فقال الزوج: قبلت نكاح هذه، ونكاح تلك - فيحص نكاح الحرة قولاً واحداً.
وإن فرق بينهما في الإيجاب دون القبول، أو في القبول دون الإيجاب - ففيه وجهان: حيث قلنا: يجوز نكاح الحرة إذا جمع بينهما؛ ففي المهر أقوال:
أصحها: يجب لها مهر المثل؛ لأنه إذا بطل ذكر بعض المهر؛ بطل كله.
والثاني: يوزع المسمى على مهور أمثالهما، فبقدر ما يقابل مهر الحرة يجب.
والثالث: يجب لها جميع المسمى، وذلك لو جمع بين نكاح مسلمة ومجوسية، أو نكاح خلية ومعتدة، أو بين نكاح أخته وأجنبية - ففي صحة نكاح المسلمة والأجنبية والخلية قولان.
ولو مع بين نكاح خمس نسوة - فنكاح الكل باطل؛ لأنه لا مزية للبعض [على البعض]، فيحكم بصحة نكاحها؛ كما لو جمع بين أختين.
ولو جمع بين خمس فيهن أختان - فنكاح [الأختين] باطل، وفي الثلاث قولان.
ولو مع بين سبع فيهن أختان - فنكاح الكل باطل.