وتلك الحرة غائبة، أو كان صداق الحرائر ببلد آخر أرخص، وهو واجد لذلك؛ فإن لم تلحقه مشقة الخروج إليها- لا يجوز له نكاح الأمة، وإلا فيجوز، ولو لم يكن في بلد الآخرة واحدة، وهي تغالي في المهر، وهو واجد له - لا يجوز له نكاح الأمة، وكذلك رقبة الكفارة إذا بيعت بمالٍ غالٍ، وهو واجد له - لا ينتقل إلى الصوم، بخلاف التيمم يجوز إذا بيع الماء بثمن غالٍ؛ لأنه يتكرر.
قال الشيخ: وعندي فيه نظر، لو لم يكن له مالٌ، ورضيت الحرة بمهر نسيئة، أو أقرضه رجلٌ المهر -فهل له نكاح الأمة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه قادر على نكاح الحرة.
والثاني: يجوز؛ لأن ذمته تشتغل بقضائه، وربما لا يجدُ ما يقضيه.
ولو وُهب رجلٌ مالاً أو جارية قبول لا يلزمه - الهبة، وله نكاح الأمة.
ولو رضيت المرأة بمهر بخس ومعه ذلك - فالمذهب لا يجوز له نكاح الأمة؛ كما لو بيع الماء بثمن بخس- لا يجوز له التيمم.
ولو نكح حر أمةً عند وود الشرطين، ثم أيسر - لا ينفسخ نكاح الأمة، وكذلك لو نكح حرة بعده لا يرتفع نكاح الأمة؛ لأن الإعسار يشترط في الابتداء لا في الدوام؛ كما أن خوف العنت يزول في الدوام، ولا يبطل نكاح الأمة.
أما العبدُ فيجوز له نكاح الأمة، وإن كانت تحته حرة؛ لأن العبد في مثل حالها، فلا يهر نقصها في حقه.
وعند أبي حنيفة: لا يجوز للعبد أن ينكح الأمة إذا كانت تحته حرة كالحر، ولا يجوز للحر أن يتزوج أمتين.
وعند أبي حنيفة: يجوز.
ولا يجوز للمسلم الحر نكاح الأمة الكتابية بحالٍ؛ لأن الله - تعالى- قال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، أباح نكاح الأمة بشرط أن تكون مؤمنة، وأباح نكاح الكتابية بشرط أن تكون حرة.
قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] يعني: الحرائر.
وعند أبي حنيفة: يجوز للحر المسلم نكاح الأمة الكتابية، والآية حجة عليه.
وكذلك العبد المسلم لا يجوز له عندنا نكاح الأمة الكتابية على ظاهر المذهب؛ لأن