والثاني: كان لا ينعقد؛ كما في حق الأمة وأكثر الرواة أنه نكح ميمونة حلالاً، وكالوطء لم يكن له حلالاً في حال الإحرام؛ كغيره.
وقيل: كان لا ينحصر عدد طلقاته بالثلاث؛ وليس بصحيح بل كان ينحصر بالثلاث؛ كما في حق الأمة.
وبعض أصحابنا قالوا: كان النكاح في حقه بمنزلة التسري في حق الأمة، حتى يصح بلا ولي، ولا شاهد، وبلف الهبة، وفي حال الإحرام، وأن يزيد على التسع، ولا يلزمه القسم، ولا ينحصر عدد الطلاق فيه.
ومنها: أنه كان أبيح له بتزويج الله [له]؛ كما قال جل ذكره في حق زينب: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] وكان تزويجها في السماء، ولم يكن في الأرض.
وقيل: يحل بلا عدة.
ومنها: نه كان إذا رغب في نكاح امرأة، يجب عليها الإجابة، ويحرم على غيره خطبتها، وإذا رغب في ذات زوج يحرم على زوجها إمساكها؛ وكان يجوز له تزويج المرأة من نفسه من غير استئمارها، واستئمار وليها، ويتولى طرفي العقد، وكان يجوز له تزويجها ممن شاء من غير إذنها، وإذن وليها؛ لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] فروى أنه - عليه السلام- "أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها".
واختلفوا في اختصاصه فيه: قيل: اختصاصه من حيث إنه أعتقها على هذا الشرط، فلزمها ذلك، ولم يكن لها الامتناع، وغيره لو أعتق جارية؛ على أن ينكحها؛ فقبلت - عتقتهن ولا يجب عليها أن تنكحه، وعليها قيمة رقبتها للمولى.
وقيل: اختصاصه من حيث إنه كان يجوز له أن يجعل نفس العتق صداقاً، ولا يجوز ذلك لغيره؛ وكان لا يحل له نكاح الأمة المسلمة؛ لأن خوف العنت شرط لجواز نكاحها للحر، وهو - عليه السلام - كان آمناً منه، وكان يباح له التسري بالأمة المسلمة؛ لأنه استولد جاريته مارية بملك اليمين.
وهل كان يباح له نكاح الحرة الكتابية، أو التسري بالأمة الكتابية؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ كما كان مباحاً للأمة.
والثاني - وهو الأصح-: كان لا يباح له ذلك؛ لما رُوي أنه قال: "زوجاتي في الدنيا