وهل كان يجوز له أن يزيد على تسع نسوة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، والتسع في حقه كالأربع في حق الأمة.
والثاني - وهو الأصح-: كان يجوز له ذلك.
وهل كان يجب عليه القسم بين نسائه؟ فيه وجهان: أحدهما: لا؛ لقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51].
والثاني - وهو الأصح-: أنه كان يجب عليه القسم؛ بدليل أنه كان يُطاف به عليهن في مرضه ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما املك، وأنت أعلم بما لا أملك" يعني: قلبه؛ ولولا وجوبه عليه، لكان لا يتكلف ذلك في المرض، ولا يستعيذ من ميل القلب.
وفيه دليل: على أنه كان مطالباً في السر بأكثر منا، فالله - تعالى- خفف عنا- لضعفنا وعجزنا.
ومنها: أنه كان يحل النكاح في حقه بمعنى الهبة؛ حتى ينحها بلا مهر، ثم لا يجب لك لا بالعقد، ولا بالدخول.
وهل كان ينعقد بلفظ الهبة؟ فيه وجهان:
أصحهما: بلى؛ لقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50].
والثاني: كان لا ينعقد؛ كما في حق الأمة، والمراد من الآية: النكاح بمعنى الهبة؛ بدليل أنه قال تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا} دل على لفظ النكاح شرط.
فإن قلنا: كان ينعقد بلفظ الهبة، فهل كان يشترط لفظ النكاح من جهته عليه السلام؟ فيه وجهان:
أحدهما لا؛ كما في جانب المرأة.
والثاني: يشترط؛ لظاهر الآية؛ فإن جوزنا، كان لا يجب المهر؛ لا بالعقد، ولا بالدخول؛ لأن ذلك قضية الهبة.
وهل كان ينعقد نكاحه بغير ولي، ولا شهود؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ كما في حق الأمة.
والثاني - وهو الأصح-: كان ينعقد؛ لأن الولي شرط؛ لطلب الكفاءة؛ وهو كان أكفأ الأكفاء، وشرط الشهود؛ للخوف من الجحود، وكان لا يُخشى ذلك منه.
وهل كان ينعقد نكاحه في حال الإحرام؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأنه رُوي أنه نكح ميمونة محرماً.