العطش؛ فله أن يمسك؛ ليشربه إذا اضطر إليه. فإن لم يرقه، فله أن يصلي بالوضوء الأول، ما لم يُحدث. فإذا أحدث؛ نُظر: إن بقي من الماء الأول شيءٌ، عليه أن يجتهد ثانياً؛ فإن أدى اجتهاده إلى طهارة الأول توضأ به، وإن أدى اجتهاده إلى طهارة الثاني لا يجوز أن يتوضأ بواحد منها؛ لأنه يصير مستعملاً للنجاسة باليقين، بل يتيمم ويصلي؛ بخلاف القبلة إذا اجتهد، وصلى إلى جهة [ثم تغير] اجتهاده في صلاةٍ أخرى إلى جهةٍ غيرها يصلي إلى الجهة الثانية؛ لأن ترك القبلة بالعذر جائزٌ، ولا يجوز الوضوء بالماء النجس بحالٍ، فإذا صلى بالتيمم يعيد؛ لأنه تيمم ومعه ماءٌ طاهرٌ.
وقيل: لا يُعيد؛ لأنه ممنوع من استعمال ما معه من الماء كما لو حال بينه وبين الماء سبعٌ صلى بالتيمم، ولا إعادة عليه.
والأول أصح، ولا تجب إعادة الصلاة الأولى؛ لأنا لو أوجبنا الإعادة نقضنا الاجتهاد بالاجتهاد، وذلك لا يجوز.
وإن لم يبق من الماء الأول شيءٌ، فلا اجتهاد عليه حتى لو غلب على ظنه بدليل أرجح من الأول؛ أن الطاهر هو الثاني، فلا ينقض الأول من غير يقين، بل يصلي بالتيمم، ولا إعادة عليه.
وقيل: إذا أدى اجتهاده إلى طهارة الثاني، يصلي بالتيمم، ويعيد؛ لأنه صلى بالتيمم، ومعه ماءٌ يعتقد طهارته.
والأول المذهب؛ لأنه ممنوع من استعماله؛ فإن تيقن أنه استعمل النجس، عليه أن يغسل ما أصابه من ذلك الماء، ويعيد الصلاة.
وإن كانت الأواني خمساً: واحد منها نجسٌ، واشتبه عليه؛ فإنه يجتهد عند كل حدثٍ حتى يستعمل منها أربعاً، ثم لا يجوز استعمال الخامس؛ فإن كان واحدٌ من الخمس طاهراً، فإذا استعمل واحداً بالاجتهاد، لا يجوز استعمال غيره؛ لأنه يصير مستعملاً للنجاسة باليقين. فإذا اشتبه عليه إناءان؛ فانصب أحدهما قبل الاجتهاد، هل له أن يتوضأ بالثاني من غير اجتهادٍ؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه ماءٌ واحد شك في نجاسته؛ فالأصل أنه طاهر.