فأمر بغمس الذباب في الطعام، وقد يموت الذباب فيه، ولو كان ينجس الطعام، لكان لا يأمر بغمسه فيه.

والقول الثاني- وهو القياس-: أنه ينجس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بغمس الذباب فيه وطرحه، لا بقتله، وإنما أمر به، قطعاً لهم عن عادتهم؛ لأنهم كانوا يستقذرون طعاماً يقع فيه الذباب.

ولو مات حيوانٌ في طعامٍ نشؤه فيه؛ مثل: دود الخل يموت فيه، أو البقةُ على رأسه تموت فيه؛ فلا ينجسه. فإن أخرج، ثم رد إليه، فمات فيه، أو طرح في مائعٍ آخر؛ فمات فيه، هل ينجسه أم لا؟ فعلى القولين.

فإن قلنا: لا ينجسُ، فلو كثر حتى تغير منه الماء ففيه وجهان:

أحدهما: ينجس؛ لأنه ماءٌ تغير بالنجاسة.

والثاني: لا ينجس؛ لأن ما لا ينجس الماء القليل بوقوعه فيه، لا ينجسه، وإن تغير؛ كالسمك.

وبعض أصحابنا: جعلوا في نجاسة الحيوانات التي ليست لها نفسٌ سائلة بالموت- قولين؛ وهذا القائل يجعل في نجاسة بزرِ دود القز قولين؛ وليس بصحيحٍ، بل المذهب أنها تنجس بالموت؛ لا يختلف القول فيه؛ [وبه قطع العراقيون].

وبزر دود القز نجسٌ، لا يجوز بيعه، ولا ضمان على متلفه؛ كالسرقين، إنما الاختلاف في نجاسة ما يموت فيه من المائعات؛ لعموم البلوى، وتعذر الاحتراز منه.

ولو وقع حيوانٌ سوى الكلب والخنزير، أو المتولد من أحدهما في ماء قليل، أو مائع آخر؛ فخرج حياً لا ينجسه؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بمقلِ الذباب في الطعام، ولم يحكم بنجاسته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015