الزكاة تفتقر إلى النية؛ لأنها عبادة؛ كالصلاة والصوم. ومحل النية القلب؛ فلو نوى بقلبه، ولم يتلفظ باللسان جاز، ولو ذكر بلسانه ولم ينو بقلبه، لم يجز؛ على أصح الوجهين؛ كالصوم والصلاة. وفيه وجه آخر: يجوز؛ لأنه تجزيء فيه النيابة؛ فلما ناب فيها شخص عن شخص، جاز أن ينوب فيه اللسان عن القلب. ولا يلزم الحج؛ حيث تجزيء فيه النيابة، ويشترط فيه النية بالقلب؛ لأنه لا ينوب فيه من ليس من أهل الحج، وفي الزكاة ينوب عنها من ليس من أهل وجوب الزكاة عليه؛ فنه لو أناب عبداً أو كافراً بأداء الزكاة يجوز، ويجوز للمرتد إخراج زكاة ماله.
وكيفية النية: أن ينوي هذا فرض زكاة مالي، أو فرض صدقة مالي، أو فرض يتعلق بمالي، أو ينوي الصدقة المفروضة أو الواجبة.
ولو قال: صدقة مالي، أو الصدقة مطلقاً، لم يجز؛ لأن الصدقة قد تكون نفلاً؛ كما لو أعتق رقبة ونوى العتق مطلقاً، لا يقع عن الكفارة.
وقيل: لو نوى صدقة المال، أو صدقة مالي، جاز. ولو قال: زكاة مال، جاز؛ لأن الزكاة اسم الفرض المتعلق بالمال؛ ولو نوى أن هذه زكاة، فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ كما لو نوى الصدقة.
والثاني: يجوز؛ لأن الزكاة اسم للفرض.
ويجب أن ينوي عند الدفع إلى المستحق، أو إلى الإمام؛ فلو نوى قبل الأداء، أو حالة الإفراز، ولم ينو حالة الأداء- فيه وجهان:
أحدهما: لايجوز؛ كما في الصلاة.
والثاني: يجوز؛ كالصوم، ولأن التوكيل في أدائه جائز، ويشق عليه أن يقرن النية بتفريق الوكيل. ولو وكل وكيلاً بدفع الزكاة، ونوى حالة الدفع إلى الوكيل، جاز. ون لم ينو حالة تفريق الوكيل؛ كما لو دفع إلى الإمام، ونوى أو لم ينو حالة الدفع إلى الوكيل ثم نوى - نظر: إن نوى قبل تفريق الوكيل جاز، وإن نوى بعده لم يجز؛ كما لو دفع بنفسه إلى الفقير، ونسي، ثم نوى بعده - لم يجز؛ ونية الوكيل لا تقوم مقام نيته.
ولو دفع إلى الإمام ولم ينو، فالمذهب: أنه لا يجوز؛ كما لو دفع إلى الوكيل، ونية الإمام لا تقوم مقام نيته.
وقيل: إذا دفع إلى الإمام ولم ينو، جاز؛ لأن الإمام لا يدفع إليه إلا الفرض؛ فاكتفى بهذا الظاهر عن النية. والأول أصح؛ لأن الإمام نائب الفقراء.