والماشطة وكثيرًا ما تطلق على المغنية من الإماء وجمعها قينات (والمعازف) بالعين المهملة فزاي هو الدفوف وغيرها مما يضرب به وقيل كل لعب عزف كما في النهاية (?) والمراد من اتخاذها اللعب بها والاشتغال (ولعن آخر هذه الأمة أولها) كما تقدم اتفق ذلك في كثير من الطوائف (فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء) التي لا تأتي إلا بالشر لا يلقح شجر ولا ينشأ مطراً كما قال تعالى: {والرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذريات: 41] ووصفها بالحيراء كناية عن شدتها وقبح أثرها وشر عاقبتها وهم يصفون بذلك كل أمر شديد فظيع كقولهم الموت الأحمر ويحتمل أنها حمراء حقيقة فإنها كانت العرب لا تراها تأتي بخير كما في كتب التفسير في قصة عاد أنه تعالى أنشأ لهم ثلاث سحائب لما استسقوا بيضاء وحمراء وسوداء فاختاروا السوءاء (أو خسفًا) تقدم أنه انقلاب الأرض بهم أو التغيير كما في خسف النيرين (أو مسخًا) هو التبديل وأعلم أنها تقدمت الإشارة إلى أن هذا الوعيد لمن فعل هذه أو رضيها أو ترك إنكارها من الأمة كلها ثم المراد أن تتصف كل الأمة بفعلها أعني فعل الجميع منها أو نحوه لا أن يفعل كل فرد من الأمة هذه القبائح لأن غالب أحاديث الوعيد وردت مرادا بها ذلك ثم الظاهر أنه لم يرد الأمة كلها بل الطائفة العظيمة وأهل المصر الواسع.
واعلم أن بر الصديق وطاعة الزوجة حسن محبوب لله لكنه قبحه ما تفرع عنه من عقوق الأم وجفوة الأب فإنه لو جفا أباه وصديقه وعق أمه وأساء إلى زوجته لكان أشد مقتًا عند الله إلا أنه نص الشارع على هذا النوع من الإساءة والإحسان لما فيه من النكارة.
واعلم أن الوعيد على مجموع هذه الخصال لا يدل ظاهره على حرمة كل واحدة منها على انفرادها لأنه لم تستقل الواحدة بخصوصها باعثة على الوعيد والعقاب