أن يقال في حديث الكتاب أنه أراد بقوله ما في العتمة ما في هذا الوقت لأجل الصلاة وهي صلاة العشاء فإطلاقه العتمة على الوقت نفسه لا على الصلاة والنهي إنما هو عن تسمية الصلاة كما أشرنا إليه، وإنما حث على نفس الوقت لأنه أبلغ من الحث على الواقع فيه؛ لأنه ما عظم الزمان إلا لعظمة ما يقع فيه، نظير ما ذكره الأئمة في قوله عذاب يوم عظيم حيث جعل صفة العظم لليوم لا للعذاب لأنه أبلغ من جعله صفة للعذاب لأنه إذا وصف الزمان بالعظم لعظمة ما يقع فيه دل على إنما عظم لأجله لا يكتبه عنه عظمته وذهب مالك وغيره إلى أنه لا كراهة في تسمية العشاء عتمة، فإنه لما روي هذا الحديث يعني حديث الكتاب قال عبد الرزاق فقلت لمالك: أما تكره أن تقول العتمة قال: هكذا قال الذي حدثني كما في رواية أحمد ذكره ابن تيمية في المنتقى (?) وبوَّب على جواز تسميتها بذلك مستدلاً بما ذكر (طب (?) ك هب عن بن عمر) رمز المصنف لصحته وصحَّحه الحاكم، وأقرّه الذهبي وقال الهيثمي: رجاله موثقون.
534 - " إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع، فلا يقل هكذا، وشبك بين أصابعه (ك) عن أبي هريرة" (صح).
(إذا توضأ أحدكم في بيته) كأنه خرج على العادة والأغلب وإلا فلو توضأ في المسجد كهذه الأزمنة لكان له الأجر المذكور ويحتمل اختصاص ما ذكر لمن توضأ في منزله (ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع) من صلاته (فلا يقل هكذا) وهذا آخر الحديث وقوله (وشبك بين أصابعه) من كلام الراوي بيانًا بما أراهم - صلى الله عليه وسلم - من الهيئة التي نهى عنها والمراد به إدخال الأصابع بعضها في بعض