فليتأسى كل مصاب بفراقه - صلى الله عليه وسلم - فتخف عليه المصائب (فإنها من أعظم المصائب) قيل: من زائدة فإنها أعظم المصائب وقيل: لا زائدة فيها فإن بعض أفراد الأعظم قد يكون أعظم أفراده ولا شك أنه ما أصيب المسلمون بل ولا الكافرون بمثل فقده - صلى الله عليه وسلم - فإنه مفتاح دار السعادة ومعلم خير الدنيا والآخرة ونبي الأمة وهاديها ومهديها فذهابه ذهاب لكل خير إذ هو بدرها وسراجها المنير ورحمة الله ونعمته على العالمين عليه تنزل ملائكة السماوات ومن بحر علومه تفجرت العلوم النافعات فأي مصيبة أصيب بها العباد أعظم من فقده - صلى الله عليه وسلم - ولذا قال أنس - رضي الله عنه - لما مات رسول الله تنكرت علينا الأرض فما هي بالأرض التي نعرفها، وأنكرنا قلوبنا وكيف وبوجوده - صلى الله عليه وسلم - أمن الله الكفار من عذابه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33] فكل مصيبة بعده هيئة وهو فرط لكل مؤمن لحديث عائشة عند أحمد والترمذي (?): "ومن لم يكن له فرط فأنا له فرط".

وما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد

من مراثي حسان (?) فيه، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عند الوقوف على قبره - صلى الله عليه وسلم - ساعة دفنه: إن الصبر لجميل إلا عنك وإن الجزع لقبيح إلا عليك والمصاب بك لجليل، وإنه بعدك لقليل (?)، ويروى أنه قال لما مات - صلى الله عليه وسلم - منشدًا:

كنت السواد لناظري فبكى عليك الناظر ... من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر

وفيه ندب التأسي في المصائب وهو التسلي للمصاب بمصاب غيره ففيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015