والمكافأة وأما من جعلها في غير أهلها فإنه يضيعها ولا يكافئ عليها ثناءًا ولا دعاءًا وإن لم يضع عند الكيل، وفيه دلالة على حسن المكافأة وحفظ الصنيعة (وإذا أراد الله بعبد شرًا) تقدم تحقيق هذه الإرادة (جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ) فلا ييسر له موضعًا لمعروفه ولا محلاً لإحسانه إلا عرض لا يحفظ معروفًا ولا يكافئ في صنيعه فيذهب ماله في غير محله فهذه عقوبة مالية (فر عن جابر) رمز المصنف (?) لضعفه؛ لأن فيه خلف بن يحيى عن ابن أبي حاتم كذاب.
375 - " إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرا جعل فقره بين عينيه الحكيم (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه) أي جعل نفسه غنية قانعة راضية عن الله فالقناعة هي الغنى كما يقال: "الغنى غنى النفس" وذلك أن أغنى الناس أقلهم حاجة ويقال من سد فقره بالمقتنات فما في إنسدادها مطمع وما ذلك إلا كمن يرقع الخرق بالخرق ومن سده بالقناعة والاقتصار على تناول ما لا بد منه فهو الغنى المقرب إلى الله وأما حديث: "لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لابتغى إليه ثانيًا ... " الحديث عند الشيخين (?) فلا ينافي هذا لأنه إخبار عن جبلة الإنسان وأصل طبعه وقد يخرج عنه بما يجعله الله من القناعة في قلبه أو يقال: حب المال لا ينافي غنى النفس وإنما ينافيه جعله نصب عينيه وغاية مرامه كما يشعر به قوله في مقابلة وإذا أراد إلى الآخرة (وجعل تقاه في قلبه) أي جعل قلبه تقيًا مراقبًا لله يتنوع عن القيام بحقوق الله فإن التقوى محله القلب وهو المضغة التي