المصنف لصحته.

6078 - "قد تركتكم على البيضاء: ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن كان عبداً حبشياً، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد". (حم هـ ك) عن عرباض (صح) ".

(قد تركتكم) أيها المخاطبون من أمة الإجابة. (على البيضاء) في لفظ "على المحجة البيضاء، وهي جادة الطريق. (ليلها) في إشراقه. (كنهارها) المراد أنه لا لبس فيها ولا ريب بل قد [3/ 195] اتضحت إيضاح النهار، ومنه يعلم أنه لا لبس في دين الله ولا يحتاج إلى تكلفات المتكلمين وشطحات المتهوكين. (لا يزيغ عنها بعدي) لا يميل عنها إلى غيرها. (إلا هالك) محكوم عليه بالهلاك، أتى من قبل نفسه. (ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) هذا من أعلام النبوة فقد وقع ذلك بما ملأ البلاد وفرَّق العباد. (فعليكم بما عرفتم من سنتي) طريقتي وسيرتي. (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) قيل: المراد بهم الأربعة والحسن لحديث "تكون الخلافة ثلاثين سنة" والعجب من قول الشارح هنا: وهذا بالنظر إلى تلك الأزمنة وما قاربها، أما اليوم فلا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة في قضاء ولا إفتاء لا لنقص في مقام أحد من الصحابة ولا لتفضيل أحد الأربعة على أولئك، بل لعدم تدوين مذاهب الأولين وضبطها انتهى؛ فأعجب بحصره القضاء والإفتاء في الأربعة، وأما التدوين فهو واقع لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أفعاله وأقواله ولكتاب الله تعالى، فهلا عول عليها، وكذلك قد دونت مذاهب أخر كمذهب داود وغيره من أئمة علماء من آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فأي دليل حصر التقليد على الأئمة الأربعة وحرم تقليد غيرهم حتى قال لا يجوز، لقد أعظم المقالة وحرم من تلقاء نفسه ما لم يحرمه الله ورسوله، وأهمل ما أمر الله باتباعه، وكلامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015