لتوهم أنه في الصلاة وغيرها وأنه يقول الرب عند قراءتها مجدني عبدي إلى آخره، والظاهر أنه تعالى لا يقول ذلك إلا عند قرائتها في الصلاة، وقيل الصلاة من أسماء الفاتحة. (بيني وبين عبدي نصفين) أي جعلت بعضها دعاء له وبعضها مجرد ثناء عليه، وإنما قلنا مجرد لأن الثناء عليه تعالى يعرض لطلب وسؤال منه:

إذا أثنى عليك العبد يومًا ... كفاه من تعرضه الثناء

وقيل: والنصف قد يراد به جزء الشيء وإن لم يكن نصفاً حقيقة كما هنا فإن الدعاء أكثر من الثناء. (ولعبدي ما سأل) أي له [3/ 176] ما طلب إشارة إلى أنه لا حجر على العبد في أن يدعوا بما أراد فلا يتوهم أنه لا يتجاوز في الدعاء ما عني له، (فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}) تفصيل لما أجمل أولا وتمسك به من يرى أن البسملة ليست من الفاتحة وهو قوي فإنها ثناء عليه تعالى فما أهملت إلا لأنها ليست من الفاتحة ولك أن تقول لم يعدها لأن صفتي الثناء منها قد ذكرت في نفس السورة أي "الرحمن الرحيم" فاكتفى به عن ذكرهما في البسملة، (قال الله: حمدني عبدي) والإخبار بذلك دليل قبوله تعالى لتحميد عبده إياه والظاهر أنه يقول هذا لملائكته تنويها بشأن العبد. (فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)}، قال الله تعالى: "أثنى علي عبدي) الثناء المدح والأول فيه حمده تعالى، وإثبات الحمد وحصره عليه. (فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}، قال: "مجدني عبدي") من المجد وهو الشرف الواسع وهو أبلغ من الحمد والثناء لأنهما من مفهومه. (فإذا قال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}، قال: "هذا بيني وبين عبدي") أي هذا اللفظ بصفات للرب منه "إياك نعبد" وللعبد منه "إياك نستعين" ومن عكس هذا فقد وهم. (ولعبدي ما سأل) كرره لما سلف (فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)}) أي الدين الحق. ({صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015