والمراد ألا ينفى كقوله: {مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا [3/ 174] شَجَرَهَا} [النمل: 60]، في {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ} [آل عمران: 161] ما صح له ذلك لأن النبوة تنافي الغلول وكذلك كونه ابن آدم الذي أوجد من العدم وغذاه مولاه بالدقيق والجليل من النعم ما يصح له في عقل عاقل أن يكذب مولاه من أوجده وأوجد من قبله آباءه: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)} [يس: 77]. (وشتمني ولم يكن له ذلك) إنما يجب عليه تبرئة باريه وخالقه ومدحه والثناء عليه وتأمل لطف هذه العبارات، وقوله: ابن آدم ولم يقل الفاجر والكافر ونحوها من الصفات التي يستحقها بتكذيبه لمولاه وشتمه له وقوله: ولم يكن له ذلك ولم يقل: يحرم أو نحوها. (فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان) وقد صح إخبار كل رسول عنه تعالى بإعادة خلقه وقضي العقل بذلك كما بين في محله.

(وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد) يشمل من نسب إليه الذكر أو الأنثى كما قالوا: الملائكة بنات الله. (فسبحاني أن أتخذ صاحبة) ذكرها وإن لم يشتهر ذكر الصاحبة في كلام المشركين إليه تعالى لكنه يلزم من إثبات الولد إتيانها لأنهم لا يعرفون ولدا إلا من والده قال ابن القيم في بدائع الفوائد: إنه لما فهم عوام النصارى القائلين بأن عيسى ابن الله تعالى كما يقولونه إن الابن يستلزم الصاحبة ولم يستنكفوا من دعوى كون مريم إلهه وأنها والدة الإله عيسى فيقول عوامهم: يا والدة الإله اغفري لي ويصرح بعضهم بأنها زوجة الرب تعالى ولا ريب أن القول بالإيلاد يستلزم ذلك أو إثبات إيلاد لا يعقل ولا يتوهم إلا عن صاحبة وصاحب فخواص النصارى في حيرة وضلال وعوامهم لا يستنكفون عن القول بالزوجة والإيلاد المعقول تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، والقول في هذا المذهب الخبيث أضل خلق الله فهم كما وصفهم الله: {وقَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015