ليستفتي في الرؤيا، ولو كنت أنا لم أفعل حتى أخرج، وعجبت لصبره وكرمه والله يغفر له أُتى ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره، ولو كنت أنا لبادرت الباب، ولولا الكلمة لما لبث في السجن حيث يبتغي الفرج من عند غير الله عَزَّ وَجَلَّ. (طب) وابن مردويه عن ابن عباس".
(عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه) يحتمل أنه بمعنى أعجبني هاتان الخلتان من خلاله لأن الله يحبهما، وهذا الظاهر [3/ 64] ويحتمل فيه ما سلف من نظيره. (والله يغفر له) جملة اعتراضية دعائية لما ذكر ما أعجبه من صفاته عقب ذلك بالدعاء له فإن من أتي بما تحبه النفس تاقت النفس إلى الإحسان إليه، وأكمل الإحسان إلى الموتى الدعاء بالمغفرة، وقوله: (حيث أرسل إليه ليستفتي في الرؤيا) بيان وجه صبره وكرمه والمراد فأفتاهم، حذف لدلالة قوله: (ولو كنت أنا لم أفعل حتى أخرج) أي لم أفتهم حتى يخرجوني ويوسف فعل ذلك صبراً منه على بلية السجن وكرما من طباعه ببذل الفتيا وفيه دليل على جواز أخذ شيء على الفتيا ويحتمل أنه لا يحل وإنما لو جاز ليوسف الخروج لجاز ولو شرطه لأنه تخلص من ظلم فإنه حبس ظلماً وفيه دليل حسن الصبر على الظلم إن نزل بالعبد من الظالم وأنه يجوز للعبد أن يتظلم إن ظلم. (وعجبت لصبره وكرمه والله يغفر له) كرر التعجب لأن كل قصته قاضية ببلوغه ذروة الأمرين من الصبر والكرم. (أُتى) مغير صيغة هو بالمثناة الفوقية ومثناة تحتية وفي رواية: "أبى" بفتح الهمزة والموحدة والألف المقصورة (ليخرج) فقد قال الملك ائتوني به في المرة الأولى. (فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره) حيث قال: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ ...} الآية. [يوسف: 50]، فإنه أخذ في بيان سبب عذره عن المسارعة في الخروج وأنه لا يخرج حتى يعلم براءته من الذنب الذي حبس لأجله، فهذا من أدلة صبره وهو واضح، وأما أنه دليل كرمه فلأن من يأت صابراً على الضراء حتى