الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى الأرضين، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى العرش مرتين. ابن أبي الدنيا في الصبر وأبو الشيخ في الثواب عن علي (ض) ".

(الصبر) باعتبار متعلقاته: (ثلاثة: فصبر على المصيبة) التي تنزل به حتى لا يسخطها. (وصبر على الطاعة) التي أمر بها حتى يؤديها. (وصبر عن المعصية) التي نهى عنها حتى يجتنبها، فالإيمان كله راجع إلى هذه القواعد الثلاث، صبر على المقدور وترك المحذور وفعل المأمور وإلى الثلاثة وقعت الإشارة بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: 17]. (فمن صبر على المصيبة حتى يردها) أي يرد ألمها وحرارتها على القلب (بحسن عزائها) أي بحسن صبره عليها وذلك بالرضا بالقلب وعدم السخط باللسان وعلمه أن ما اختاره الله منها له خير مما يختار لنفسه. (كتب الله له ثلاثمائة درجة) أي منزلة عالية في الجنة كذا قيل، فالمراد ثلاث مائة منزلة متقاربة هذا المقدار. (ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) فالمقدار ثلاث مائة ما بين الأرض والسماء. (ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة) ضوعفت على الصبر على المصيبة المقدورة، وذلك لأن الصبر عليها يأتي به المؤمن والكافر والبر والفاجر إما اختياراً أو اضطراراً فإنه لا بد له من أن يصبر صبر الأبرار أو يسلوا سلو البهائم بخلاف الصبر على فعل الطاعة فإنه لا يأتي به إلا من صدق الرسل وقطع بالإنابة والعقوبة ثم كانت الدرجة أعلى مع تضاعفها كما دل له قوله: (ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين) بضم المثناة الفوقية وخاء معجمة مضمومة أي حدودها ومعالمها (إلى منتهى الأرضين) جمع الأرض وأفردها في الأول لأن المراد إلى أسفل الأراضي كلها بخلاف الأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015