ومنبته لا يجمل بهم إلا التحلي بحليته والاقتداء بسيرته. قال ابن عطاء الله: إنما لم يرض الدنيا لهم وجعل الآخرة محلا لجزائهم لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ولأنه تعالى أجل قدرهم عن الجزاء في دار لا بقاء لها. (أبو عبد الرحمن السلمي في الزهد (?) عن عائشة) حسنه المصنف بالرمز ورواه عنها الديلمي من طريقين.

4269 - "الدنيا لا تصفو لمؤمن كيف وهي سجنه وبلاؤه؟ ". ابن لال عن عائشة (ض).

(الدنيا لا تصفو لمؤمن) أي عن الأكدار من الهموم والغموم والأسقام والمخاوف ونحوها. (كيف) تصفو له. (وهي) في حقيقة الأمر. (سجنه) كما تقدم. (وبلاؤه) فتنته وهو استدلال على عدم صفوها وخص المؤمن لأن الكافر لا تصفو له الداران أو لأن الكافر لما كان لا قيد شرعي يتعبد به فكأنها صافية له لأنه يتبع هواه وكل ما يريده من شهواتها لا يمنعه عنها مانع. قال حكيم: أسباب الحزن فقد محبوب أو فوات مطلوب ولا يخلو منهما إنسان لأن الثبات والدوام معدومان في عالم الكون والفساد. قال ابن عطاء الله: لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار فقد أبرزت ما هو واجب عنها ومستحق صفها وإنما جعلها الله محلا للأغيار ومعدنا لوجود الأكدار تزهيدا لك فيها علم أنك لا تقبل النصح المجرد فأذاقتك من ذواقها ما يسهل عليك فراقها.

وفي تذكرة المقريزي أن من شعر العلائي:

ومن رام في الدنيا حياةً خليةً .. من الهم والأقدار رام محالا

فهاتيك دعوى قد تركت دليلها .. على كل أبناء الزمان محالا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015