كذلك إنما يعلمه قليل من الناس وهم الراسخون. (فمن اتقى) من التقوى وهي لغة: جعل النفس في وقاية مما يخاف، وشرعا: حفظ النفس عن الآثام وما تجر إليها. (المشبهات) بضم الميم أوله والموحدة بعد المعجمة ثم هاء جمع مشبه بمعنى مشتبه ووضع الظاهر موضع المضمر تفخيما لشأن هذه الأمور وزيادة في إيضاح المراد. (فقد استبرأ) بالهمز وقد تخفف أي طلب البراءة. (لدينه) من العقوبة الشرعية. (وعرضه) يصونه بترك الوقيعة فيه بعدم تركه مما يحسن تركه والعرض قيل الحنث وقيل: النفس، وقيل: موضع المدح والذم من الإنسان وفيه إعلام بأن كونه ملاحظ شرعًا كالدين (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) أي يوشك أن يقع فيه لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه فإنه يوافق الحرام وإن لم يقصده؛ لأنه يعرض عليه بالحوم حوله فإن المشبهات حمى المحرمات ولذا مثله بضرب المثل بالمحسوس بقوله: (كراع) أصله الحافظ لما ينظره ومن ثم قيل للوالي راع وللعامة رعية وللزوج راع ثم خص عرفا بحافظ الحيوان وأراده هنا. (يرعى حول الحمى) أي المحل المحمي الذي حصره مالكه على غيره. (يوشك) بكسر المعجمة أي يسرع ويقرب. (أن يواقعه) أي تأكل ماشيته منه فيعاقب ثم أكد هنا النهي بقوله: (ألا) حرف تنبيه لا يأتى بها إلا لتأكيد ما بعدها ويطلب إصغاء السامع لما يليها. (وإن لكل ملك) من ملوك العرب. (حمى) يحميه لماشيته عن الناس ويتوعد من يقرب. (ألا وإن حمى الله تعالى في أرضه محارمه) أي المعاصي التي حرمها ونهى عنها فكما أن من هتك حمى ملك من ملوك الدنيا عاقبه الملك أشد العقاب كذلك من هتك حمى الله تعالى فالمحتاط لدينه لا يقرب مما يقرب إلى الخطيئة والقصد تجنب الشبهات وأنه إذا كان حمى الملك يحترز منه خوف العقوبة فحمى الرب تبارك