الثواب العظيم، وعلى التقديرين فلا يرد أن الشرط والجزاء قد اتحدا، فإن قيل: كان مقتضى الظاهر فهجرته إليهما، إذ وضع الظاهر موضع المضمر خلاف الأصل، وأجيب: أنه وضع كذلك لوجهين: الاستلذاذ بإعادة ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا لم يعد ذكر الدنيا، والمرأة في الجملة الآتية، عبر عنهما بغيرهما، إذ لا التذاذ بذكرهما، والثاني: لئلا يجمع بين ضمير الرب ورسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن جمع بين الضميرين:"بئس خطيب القوم أنت" (?)، وفي هذا الأخير نص لأنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قد جمع بينهما في كلامه، وأجيب: بأن ذلك جائز له دون غيره، وأنه هنا لو جمع بينهما لكان جائزًا، فالوجه هو الأولى (ومن كانت هجرته إلى دنيا) مقصور غير منون، وروي تنوينها، وهي من الدنو، وهو القرب سميت بذلك لقربها من الآخرة أو لقربها من الزوال، واختلف في حقيقتها فقيل: هي ما على الأرض من الثرى والجو، وقيل: كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، ويطلق على كل جزء منها مجازًا، (يصيبها) يحصلها (أو امرأة ينكحها) من عطف الأخص على الأعم، إذ هي من الدنيا ولفظ دنيا وإن كان نكره فإنه في سياق الشرط وهو يعم، وإنما خص المرأة لأنها سبب الحديث، قال ابن دقيق العيد (?): نقلوا أن رجلاً هاجر من مكة ليتزوج امرأة بالمدينة، لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج، والمرأة تسمى: أم قيس، فلذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به، ولأنه زيادة في التحذير من فتنة النساء؛ لأن الفتنة بهن من أشد فتن الدنيا, ولذا قدمهن الله في قوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ...} الآية. [آل عمران: 14] , وقول ابن مالك بأن عطف