لبعض الشافعية وعن أبي يوسف: يحل من بعضهم لبعض لا من غيرهم، وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال مشهورة: الجواز، المنع، جواز التطوع دون الفرض، عكسه، وأدلة المنع ظاهرة من حديث السائب وغيره. (إنّما هي أوساخ الناس) علة الحكم بالتحريم وسماها أوساخهم لأن بإخراجها يطهر المال ويذهب عنهم شره كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ولأنه بهذه التسمية تنفر عنها النفوس كما أشرت إليه في إثبات دعاءها لتنفير الطباع غسالةً، فما بالكم لم تنفروا إذ تنفروا لأن في بعض ألفاظه: "إنّما هي غسالة أوساخ الناس" (?)، قال ابن حجر (?): يؤخذ من هذا جواز التطوع دون الفرض وهو قول أكثر الحنفية والمصحح عن الشافعية والحنابلة انتهى.
قلت: وفي التعليل المنصوص بأنها غسالة ما يبطل التعليل بأن التحريم كان لدفع التهمة وأنها زالت بموته - صلى الله عليه وسلم - كما قاله بعض المحققين من المتأخرين وألف فيه رسالة؛ لأن العلة المنصوصة لا تعتبر معها غيرها مما لا دليل عليه، وقد بينا ذلك في رسالة مستقلة قد استوفينا القول هنالك، ومن أجازها للعامل عليها إذا كان هاشميًا فقد خالف النص؛ لأنّه قد ورد في العامل فإنه إنّما قاله - صلى الله عليه وسلم - لما طلب منه المطلب بن ربيعة أن يكون عاملًا عليها ليصيب منها أجرته، فحديث عطاء بن يسار مرفوعًا: "لا تحل الصدقة إلا لخمسة لغاز أو عامل عليها ... " الحديث. (?) مخصوص بعامل ليس من آل محمَّد كما عرف من حديث المطلب هذا ومن سببه. (حم م) (?) عن المطلب بن ربيعة) الهاشمي.