هذا أحدها وهو دليل على لحوق الأعمال من الأحياء للأموات وصحة التبرع عنهم في ذلك، وهل هو عام في كل قربة أو خاص بالحج والدَّين؟ للعلماء نزاع في ذلك طويل أجمع أهل السنة والفقهاء على لحوق الصدقة والحج كما اتفقوا على انتفاعهم بدعاء المسلمين واستغفارهم وأجمعوا أيضًا على أن قضاء الدين يسقطه من ذمة الميت إلا أنهم اختلفوا في الواصل في الحج هل الواصل ثواب الحج نفسه أو ثواب الإنفاق فالجمهور على الأول والأقل على الثاني.
وأما العبادات البدنية كالصوم عن الميت والصلاة له وقراءة القرآن والذكر فذهب أحمد بن حنبل وجماعة من الحنفية إلى وصول ذلك أيضًا إلى الميت من الحي وعند الشافعي ومالك لا يصل، والدليل على لحوق الصدقة حديث الشيخين (?) عند عائشة أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت ألها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: "نعم" وفي معناه حديث سعد بن عبادة في صدقته على أمه، وقوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينفعها إن تصدقت عنها قال: "نعم" وهو في صحيح البخاري (?) من حديث ابن عباس وفي معناه حديث مسلم (?) عن أبي هريرة أن رجلاً قال: "يا رسول الله أبي مات ولم يوص فهل يكفي عنه إن تصدقت عنه؟ قال نعم" وغيرها، ويدل [1/ 385] على لحوق الصيام حديث عائشة عند الشيخين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" وفي الصحيحين (?) من حديث ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: "نعم فدَين الله أحق أن يقضى".