والقاضي أبي يعلى (سنة 458 هـ) وابن عقيل (سنة 255 هـ) وأبي الحسن الزعفراني (سنة 259 هـ) من أصحاب أحمد (سنة 241 هـ) وكابي المعالي (سنة 478 هـ) وأمثاله وأبي القاسم الرواسي، وأبي سعيد المتولي (سنة 478 هـ) وغيرهم من أصحاب الشافعي (سنة 304 هـ) ؛ والقاضي أبي الوليد الباجي (سنة 474 هـ) وأبي بكر الطرطوشي (سنة 520 هـ) وأبي بكر بن العربي (سنة 543 هـ) وغيرهم من أصحاب مالك (سنة 179 هـ) ، وكأبي منصور الماتريدي (سنة 333 هـ) وميمون النسفي (سنة 508 هـ) وغيرهما من أصحاب أبي حنيفة (سنة 150 هـ) ، أنهم قالوا:
لو كان القرآن مخلوقاً للزم أن يخلقه إما في ذاته أو في محل غيره، أو قائماً بنفسه، لا في ذاته ولا في محل آخر، و (الأوَّل) يستلزم أن يكون محلاَّ للحوادث، و (الثاني) يقتضي أن يكون الكلام كلام المحل الذي خلق فيه، فلا يكون ذلك الكلام كلام الله كسائر الصفات إذا خلقها في محل، كالعلم والحياة والحركة واللون وغير ذلك. و (الثالث) يقتضي أن تقوم الصفة بنفسها، وهذا ممتنع. فهذه الطريقة هي عمدة هؤلاء في مسألة القرآن، وقد سبقهم عبد العزيز المكي (سنة 240 هـ) صاحب المحاورة المشهورة إلى هذا التقسيم، وقد يظن الظان أن كلامهم هو كلامه بعينه، وأنه كان يقول بقولهم أن الله لا يقوم بذاته ما يتعلق بقدرته ومشيئته، وأن قوله من جنس قول ابن كلاَّب، وليس الأمر على ذلك، فإن عبد العزيز هذا، له في الرد على الجهمية وغيرهم من الكلام ما لا يعرف فيه خروج عن مذهب السلف وأهل الحديث، وذكر طرفاً من هذه
المناظرة التي جرت بحضور الخليفة المأمون بين عبد العزيز الكناني المكي وبشر المريسي (سنة 218 هـ) إلى أن قال عبد العزيز: وما كان قبل الخلق متقدماً، فليس هو من الخلق في شيء ثم قال: فقد كسرت قول بشر بالكتاب والسنة واللغة العربية، والنظر والمعقول. ثم قال ابن تيمية- معلقاً على كلام عبد العزيز وبشر-: والمقصود هنا أن ما قام بذاته، لا يسميه أحد منهم مخلوقاً، سواء كان حادثاً أو قديماً، وبهذا يظهر احتجاج عبد العزيز على بشر، فإن بشراً من أئمة الجهمية نفاة الصفات، وعنده لم يقم بذات الله تعالى صفة ولا فعل ولا قدرة ولا كلام ولا إرادة، بل ما ثمَّ عنده إلا الذات المجردة عن الصفات والمخلوقات المنفصلة عنها كما تقول بذلك الجهمية من المعتزلة وغيرهم، فاحتج عليه عبد العزيز بحجتين عقليتين، (إحداهما) أنه إذا كان كلام الله