بجميع صفات ذاته واحد، لم يزل ولا يزال، وما أضيف إلى الله من صفات فعله مما هو غير بائن عن الله فغير مخلوق.
الردّ بعشرات الآيات على من يقول: إن الله تعالى لا يتكلم إلا بأصوات قديمة أزلية ليست متعاقبة وهو لا يقدر على التكلم بها، ولا له في ذلك مشيئة ولا فعل (60- 63 ج 2) وقد جاء في آخرها قوله: وأمثال ذلك- كثير في كتاب الله تعالى، بل يدخل في ذلك عامَّة ما أخبر الله به من أفعاله لا سيما المرتبة كقوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (?) ، "وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ" (?) ، "أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ. ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ" (?) ، وآيات كثيرة كلها تدل على أفعال الله تعالى بالتعاقب والترتيب.
(ص 60) وخلاصة هذا المبحث الطويل الجليل هو في قوله: لكن المقصود هنا أن نبين أن القرآن والسنة فيهما من الدلالة على هذا الأصل ما لا يكاد يحصر، فمن له فهم في كتاب الله يستدل بما ذكر من النصوص على ما ترك، ومن عرف حقيقة قول النفاة علم أن القرآن مناقض لذلك مناقضة لا حيلة لهم فيها، وأن القرآن يثبت ما يقدر عليه ويشاؤه من أفعاله تعالى التي ليست هي نفس المخلوقات.
من تدبَّر كلام هؤلاء الطوائف بعضهم مع بعض تبين له أنهم لا يعتصمون فيما يخالفون به الكتاب والسنة إلا بحجة جدلية يسلمها بعضهم لبعض، وآخر منتهاهم حجة يحتجون بها في إثبات حدوث العالم لقيام الأكوان به أو الأعراض، ونحو ذلك من الحجج التي هي أصل الكلام المحدَث الذي ذمَّه السلف والأئمة، وقالوا: إنه جهل، وإن حكم أهله أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل