وقال الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه "قيام الليل" في باب ذكر الوتر بثلاث
عن الصحابة والتابعين ص 123: طبعه عبد التواب الملتاني رحمه الله بالهند بعد ما
ذكر الروايات في ذلك عن الصحابة والتابعين؛ ثم قال: وزعم النعمان- يعني أبا
حنيفة- أن الوتر بثلات ركعات لا يجوز أن يزاد على ذلك ولا ينقص منه، فمن أَوْتَر
بواحدة فوتره فاسد، والواجب عليه أن يعيد الوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن،
فإن سلم في الركعتين بطل وتره، وزعم أنه ليس للمسافر أن يوتر على دابته، لأن
الوتر عنده فريضة، وزعم أن من نسي الوتر فذكره في صلاة الغداة- أي الصبح-
بطلت صلاته وعليه أن يخرج منها فيوتر ثم يستأنف الصلاة، وقوله هذا خلاف
للأخبار الثابته عن رسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وخلاف لما أجمع عليه أهل العلم، وإنما
أتى من قلة معرفته بالأخبار وقلة مجالسته للعلماء.
سمعت إسحاق بن ابراهيم- يعني ابن راهويه شيخ الجماعة- يقول: قال ابن
المبارك: كان أبو حنيفة يتيما في الحديث (أي بخلاف رواية ابن عبد البر تهيما من
التهمة) حدثني علي بن سعيد النسوي، قال سمعت أحمد بن حنبل يقول: هؤلاء
أصحاب أبي حنيفة ليس لهم بصر بالحديث ما هو إلا الجرأة. قال محمد بن نصر
فاحتج له بعض من يتعصسب له ليموِّه على أهل الغباوة والجهل الخ ما ساق من
المناقشة إلى أن قال: ولم نجد في شيء من الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى الوتر، قال: وزعم
النعمان- يعني أبا حنيفة- في كتابه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى الوتر في اليوم الذي نام فيه عن الفجر
حتى طلعت الشمس، فزعم أنه أوتر قبل أن يصلي ركعتي الفجر، ثم صلى الركعتين، وهذا لا
يعرف في شيء من الأخبار. اهـ ما أردت نقله ولا أريد أن أعلق عليه.
* * *
قد فرغنا مما أحوجنا إلى كتابته محب جاهل غالى في رجل من المسلمن نظن به الخير
وأنه لا يحب هذا الغلو الممقوت فيه، وأنه قدم على الله تعالى هو وخصومه يحكم بينهم
"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (?)