لا يقول: كيف يفترقان؟ وإن كان الحديث ليس على شرطه من دلالة الكتاب والاجماع عليه!
قال ابن البر. وذكر الساجي عن أبي حاتم الرازي عن العباس بن عبد العظيم العنبري عن محمد ابن يونس قال: إنما استتيب أبو حنيفة لأنه قال: القرآن مخلوق، واستتابه عيسى بن موسى اهـ. فليكذِّب الكوثري الخطيب وليصدق ابن عبد البر أو ليكذبه مع الخطيب.
وبسنده إلى أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري (وليس بوضاع كما افتراه عليه الكوثري) قال أبو عوانة: سمعت أبا حنيفة سئل عن الأشربة- يعني الانبذة المسكرة- فما سئل عن شيء إلا قال حلال، فسئل عن السكر فقال: حلال. فقلت:
يا هؤلاء إنها زلة عالم فلا تأخذوا عنه. اهـ. وسيدافع مجنون أبي حنيفة عنه أن الخمر المحرمة إنما هي من العنب فقط، وإن كانت المدينة لا تعرف خمر العنب عندما نزل تحريم الخمر، وإنما كان خمرهم من البسر والرطب كما في حديث أنس وغيره.
وأسند ابن عبد البر عن محمد بن جرير الطبري بسنده الى الحكم بن واقد: رأيت أبا حنيفة يفتي من أول النهار الى أن يعلى النهار، فلما خف عنه الناس دنوت منه فقلت: يا أبا حنيفة لو أن أبا بكر وعمر في مجلسنا، ثم ورد عليهما ما ورد عليك من
هذه المسائل المشكلة لكفّا عن بعض الجواب ووقفا عنه، فنظر إليه وقال: أمحموم أنت؟ يعني مبرسما اهـ ص 147.
فليردَّ أبي حنيفة ما في هذه الحكاية من علم طريف في السند والمتن، وهل تؤيد حكاية السائل الخرساني حامل المائة ألف مسألة، وهل استغراب الحكم بن واقد من جرأة أبي حنيفة من نوع استغراب ابن عيينة للجرأة على الفتوى فيما لا يعقل من المسائل، أو ذلك لون آخر، وعلى كل حال فهي مادة ليكتب عنها مجنون أبي حنيفة، ونرجو منه عذراً لابن عبد البر في إخراجها وليكن غير حسد الحكم بن واقد أو غيره من أحد رواتها، وفيهم امام المفسرين والمحدثن ابن جرير رحمه الله تعالى.
وبسند ابن عبد البر ص 148 الى أبي أسامة حماد بن أسامة قال: مَرَّ قوم على رقبة- لعله ابن مصقلة- فقال: من أين جئتم؟ قالوا: من عند أبي حنيفة، فقال: يكفيكم من رأيه ما مضغتم، وترجعون الى أهليكم بغير ثقة اهـ.