قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} 1، وقال تعالى:} قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ... } 2.
الوجه الثاني: أن الرسل عليهم السلام إنما بعثوا ليمحقوا الشرك وأسبابه وأهله3 –كما أسلفت الكلام عن هذا في المطلب السابق- وهم معصومون من الوقوع في الشرك باتفاق الأمة، فكيف نجوز أن يجعل إبراهيم أبو الأنبياء لله شريكاً في تدبير أمور المخلوقات؟ سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، بل إن إبراهيم أعلم بالله وبوحدانيته وصفاته من أن يصدر منه مثل هذا4.
الوجه الثالث: أن ذلك التقرير الذي قرره الرازي في المناظرة بينه وبين الملك المعطل مما لم يخطر بقلب إبراهيم، ولا بقلب المشرك، ولا يدل اللفظ على البتة، فكيف يسوغ أن يقال إنها هي المرادة من كلام الله تعالى؟ فيكذب على الله وعلى خليله وعلى المشرك المعطل، بل لم يسبق الرازي إلى هذا التقرير أحد5، والذي فسر السلف به هذه الآية هو: ألم تر يا محمد إلى الذي حاج إبراهيم في ربه؟ حين قال إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت، يعني بذلك ربي الذي بيده الحياة والموت يحيي من يشاء، ويميت