والقافة1 والحازة2 فسألهم عنه فقالوا: يخرج من ملكك رجل يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك، وكان مسكنه ببابل الكوفة، فخرج من قريته إلى قرية أخرى، فأخرج الرجال وترك النساء وأمر أن لا يولد مولود ذكر إلا ذبحه، فذبح أولادهم، ثم إنه بدت له حاجة في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبا إبراهيم فدعاه فأرسله، وقال له: انظر لا تواقع أهلك، فقال له آزر: أنا أضن3 بديني من ذلك. فلما دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن وقع عليها، ففر بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة يقال لها أور فجعلها في سرب4، فكان يتعاهدها بالطعام والشراب وما يصلحها، وإن الملك لما طال عليه الأمر قال: قول سحرة كذابين، ارجعوا إلى بلدكم. فرجعوا، وولد إبراهيم، فكان في كل يوم يمر كأنه جمعة، والجمعة كالشهر، والشهر كالسنة من سرعة شبابه، ونسي الملك ذلك، وكبر إبراهيم لا يرى أن أحداً من الخلق غيره وغير أبيه وأمه. فقال أبو إبراهيم لأصحابه: إن لي ابناً قد خبأته، أفتخافون عليه الملك إن أنا جئت به؟ قالوا: لا، فأت به. فانطلق فأخرجه، فلما خرج الغلام من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق، فجعل يسأل أباه: ما هذا؟ فيخبره عن البعير أنه بعير، وعن البقرة أنها بقرة، وعن الفرس أنه فرس، وعن الشاة أنها شاة، فقال: ما لهؤلاء الخلق بد من أن يكون لهم رب،