ولا يخفى على الصبيان الصغار فضلاً عن الرجال الكبار: أن البعير إذا أراد البروك وضع يديه أولاً ثم رجليه، والمصلي إذا قدَّم يديه على ركبتيه في السجود، فقد برك كما يبرك البعير بلا شك، وإذا قدم ركبتيه على يديه عند القيام من السجود، فقد قام كما يقوم البعير، وكذلك من اعتمد بيديه على الأرض ورفع ركبتيه قبلهما، وإذا قام من التشهُّد الأول.
فهذا مُتشبه بالبعير عند قيامه، والأول متشبه به عند بروكه، وكل ذلك منهي عنه، وعلة النهي التشبه بالبعير في هيئة بروكه، وهيئة قيامه، وسواء قيل: إن ركبتي البعير في يديه أو في رجليه، فلا عبرة بذلك، وإنما الاعتبار بالهيئة الفعلية، ومن توقَّفَ فيما ذكرنا من التشبُّه، فليُشاهد البعير عند بروكه وعند قيامه، وليشاهد المقدم ليديه عند السجود، والمقدم لركبتيه عند القيام حتى يرى تمام المشابهة منهما للبعير.
وهذا مما يستدل به على وقوع الغلط فيما رواه الدراوردي، من حديث ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - فأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فرواه الدارقطني في سُننه من طريق الدراوردي عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد يضع يديه قبل ركبتيه، ورواه الحاكم في مستدركه بنحوه، وقال: صحيحٌ على شرْط مسلم، ولَمْ يُخَرِّجاه.