عنه - صلى الله عليه وسلم - وفعل خلافه، وكان أول ما يقع منه على الأرض منه الأقرب منها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض منه الأعلى فالأعلى، وكان يضع ركبتيه أولاً ثم يديه ثم جبهته، وإذا رفع رفع رأسه أولاً ثم يديه ثم رُكبتيه، وهذا عكس فعل البعير، وهو - صلى الله عليه وسلم - نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات، فنهى عن بروك كبروك البعير، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس، فهدي المصلِّي مخالف لهدي الحيوانات.
الثاني: أن قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وإنما الركبة في الرجلين، وإن أطلق اللتين في يده اسم الركبة، فعلى سبيل التغليب؛ انتهى كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى - وقوله هذا غير مدفوع، واستغراب المؤلف له هو المستغرب في الحقيقة!
وأما قولُ بعضهم: إن ركبتي البعير في يديه، وهو الذي نقلَهُ المؤلف عن "لسان العرب" وغيره، فقد رده صاحب "القاموس" في كتابه "سفر السعادة"، وقال: الذي قال ركبة البعير في يديه وهْم وغلط، وخالف قول أئمة اللغة، وقال ياقوت الحموي في "معجم البلدان": ركبة - بضم أوله، وسكون ثانيه، وباء موحدة - بلفظ الركبة التي في الرجل من البعير وغيره.
وهذا القول من صاحب "القاموس" وياقوت، مُوافق لقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - وبه يرد ما ادَّعي عليه من الإغراب، والله أعلم.