ورواه الدارقطني أيضًا من حديث جرير وصالح بن عمر الواسطي وأبي الأحوص، كلهم عن عاصم بن كليب.
فهذه الرِّوايات المتعاقِدة تدل على شذوذ ما في رواية أبي داود من ذكر الرفع إذا رفع من السجود، والله أعلم.
وقد روى الدارقطني في سننه من طريق هشيم وجرير، عن حصين بن عبدالرحمن، قال: دخلنا على إبراهيم فحدثه عمرو بن مرة، قال: صلَّينا في مسجد الحضْرميين، فحدَّثَني علقمة بن وائل، عن أبيه - رضي الله عنه -: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه حين يفتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا سجد، وقد رواه البخاري في جزء رفع اليدين، وليس فيه ذكر الرفع عند السجود، فقال: حدثنا مسدد، حدثنا خالد، حدثنا حصين، عن عمرو بن مرة، قال: دخلت مسجد حضرموت، فإذا علقمة بن وائل يحدث عن أبيه - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه قبل الركوع، فقد اختلفت الرواية عن علقمة بن وائل عن أبيه كما ترى، ففي رواية أبي داود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجود، وفي رواية الدارقطني: أنه كان يرفع يديه إذا سجد، وليس ذلك في رواية مسلم، ولا في رواية البخاري والنسائي.
وهذا مما يدل على أن هذه الزيادة الشاذة غير محفوظة، وأما رواية عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل - رضي الله عنه - فلم يختلف فيها، والأخذ بها أولى منَ الأخْذ بما اختلف فيه، لا سيما وقد اعتضدت رواية عاصم برواية همام التي أخرجها مسلم في صحيحه، وبرواية قيس بن سليم التي رواها البخاري والنسائي، وبالأحاديث الكثيرة الصَّحيحة مما تقدَّم ذِكْره، وما سيأتي قريبًا، وما لم يذكر ها هنا، والله أعلم.