اختصره أكثرهم على جوازه ابتداء فأباحه على القول: إنهم غير مخاطبين بفروع الشرائع، ولأن السيد بالحقيقة هنا ليس بعاقد نكاح، إنما هو آذن ومبيح. وكرهه على القول الآخر، لأن كل واحد منهما محرم على صاحبه حتى يسلم لكون أحدهما مجوسياً (?)، أو لكون النصرانية أمة وهي لا يجوز وطؤها بالنكاح، ولا تحل أيضاً للنصراني، فعقد هذا المسلم معونة لهم على عصيانهم. وأجازه على القول الآخر لأن السيد هنا بالحقيقة ليس بعاقد نكاح، إنما هو آذن؛ إذ لا يلزم في أنكحتهم ما يلزم في أنكحة المسلمين من شرط الصداق والولي. وليس يحتاج هنا أكثر من تراضيهم وعقدهم على أنفسهم باسم النكاح، ويأذن لهم السيد في ذلك، فليس بعاقد ولا منكح، وإنما هو تارك لهم على دينهم كتركهم وشرب الخمر وأكل الخنزير على مشهور القولين في ذلك، بخلاف جلبها لهم وشرائها وعصرها وسقيها إياهم فالسيد ممنوع من هذا على كل حال.
وقول مالك (?): "إذا ارتد فقد وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كن مسلمات". ذهب اللخمي أن ظاهره خلاف قول ابن القاسم بعده (?): إنه تقع الفرقة وإن كن من غير أهل الإسلام، وكذلك إذا تزوج في ارتداده كتابية لم يجز. وهذا هو مشهور المذهب. وكذلك اختصرها أبو محمد على الوفاق، خلاف قول أصبغ (?): إنه لا يحال بين المرتد وبين زوجاته الكتابيات، ولا يحرمن عليه إن عاود الإسلام. وأما العودة إلى زوجاته إذا راجع الإسلام فالخلاف فيه معلوم مبني على حكمه هل هو حكم الكافر الأصلي - وإسلامه الآن كابتداء إسلام - أو أن ردته إن رجع إلى الإسلام (?) ملغاة وكأنه لم يزل