والمرتهن أحق بها. وإن كان الدين بعد لم يجز للغرر؛ إذ صاحب الدين لا يدري متى يقبض دينه، وهو إنما يرجو قضاءه من رهنه أو ملاء السيد، فلا يدري هل يحل أجله قبل موت السيد وهو ملي فيأخذه لأجله، أو وهو عديم وهو لا يقدر على بيع الرهن فينتظر وفاة السيد لبيعه؟.
وعلى هذا الوجه تأول بعض شيوخنا (?) قول أشهب في منعه رهن المدبر. وعلى ما تقدم يجب أن يتأول إطلاق إجازة مالك وابن القاسم لرهنه. ويكون هذا كله غير اختلاف منهم، بل كل منهم تكلم على وجه لم يتكلم عليه الآخر. وتأول أبو محمد وأبو عمران قوله في جواز رهن ما دبر جنينها (?) أنما ذلك إذا كان الدين متقدماً لا متأخراً؛ إذ لا يجوز له أن يعرض المدبر للبيع، ومعنى/ [ز 202] ذلك أنها تباع بجنينها. وهذا كما تراه لو لم يرهنها لكان هذا الحكم؛ إذ ليس تدبير ما في بطنها بأقوى من عتقه. ونحن نبيعها للغرماء بما في بطنها ولو أعتقه فلم يزد الرهن هنا حكماً، اللهم إلا أن يقال: إن هذا مستقل (?) الصورة في التدبير، وإن الرهن فيه تصرف يشبه البيع، فيكون هذا على وجه الكراهة لا على الإيجاب في المنع، ويلزم هذا كله في رهن كل مدبر. ويحمل عليه ظاهر قول أشهب في منع رهن المدبر مطلقاً، خلاف ما تأوله من ذكرناه قبل والله أعلم.
وقول يحيى بن سعيد في المدبر (?) "إذا مات سيده: ماله له، وولده من أمته لورثة سيده، لأن ولده ليس من ماله"، ظاهره الخلاف. وقد ذهب عمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد وعطاء (?) أن ولد المدبرة غير مدبرين،