خلاف ما حكته الفرس، وكانت الفرس أحق أن يؤخذ عنها وإن كان أخبارهم قد درست ومناقبهم قد نسيت ورسومهم قد انقطعت لمر الزمان وتتابع الحدثان فلا نذكر منها إلا اليسير، وكانوا أهل العز الشامخ والشرف الباذخ والرئاسة والسياسة، فرسانا في الوغي، صبرا عند اللقاء أدت اليهم الأمم الاتاوات، وانقادت إلى طاعتهم خشية صولتهم، وكثرة جنودهم وقد أتينا على تنازع الناس في أنساب فارس وتفرع أقاويلهم في ذلك في الجزء السابع من (كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهرة) وللبابليين ملوك قد ذكروا في كثير من الكتب والزيجات في النجوم مثل النمرود ومن تلاه من النماردة وسنحاريب ونصر، ومن كان بعده من ولده وغيرهم لم نعرض لذكرهم في هذا الكتاب للتنازع الواقع في اعدادهم وتسميتهم وسنى ملكهم وتقادم أيامهم، والفرس تذكر أن هؤلاء الملوك البابليين إنما كانوا خلفاء لملوكهم الأولى ومرازبة على العراق وما يليه من المغرب حيث كانت دار مملكتهم بلخ إلى أن انتقلوا عنها ونزلوا المدائن من أرض العراق، وكان أول من فعل ذلك خمانى ابنة بهمن بن إسفنديار قال المسعودي: ورأيت بمدينة إصطخر من أرض فارس في سنة 303 عند بعض أهل البيوتات المشرفة من الفرس كتابا عظيما يشتمل على علوم كثيرة من علومهم وأخبار ملوكهم وأبنيتهم وسياساتهم، لم أجدها في شيء من كتب الفرس «كخداى نامه» و «آئين نامه» و «كهناماه» وغيرها مصور فيه ملوك فارس من آل ساسان سبعة وعشرون ملكا منهم خمسة وعشرون رجلا وامرأتان قد صور الواحد منهم يوم مات شيخا كان أو شابا وحليته وتاجه ومخط لحيته وصورة وجهه وانهم ملكوا الأرض اربعمائة سنة وثلاثا وثلاثين سنة وشهرا وسبعة أيام، وانهم كانوا إذا مات ملك من ملوكهم صوروه على هيئته ورفعوه