الّذي يصب الى بحر الروم طوله ثلاثمائة ميل ونحو من خمسين ميلا على ما نذكره فيما يرد من هذا الكتاب، وجريه وانصبابه في المواضع الضيقة بين وماؤه بارد، ومن الناس من يعد هذا البحر وهذه البحيرة بحرا واحدا. ويتصل هذا البحر من بعض جهاته ببحر الباب والأبواب من خليج وأنهار عظام هنالك ولأجل ذلك غلط قوم من مصنفي الكتب في البحار ومعمور الأرض، فزعموا أن بحر بنطس وبحيرة ما يطس وبحر الخزر شيء واحد ومما يصب الى هذا البحر من الأنهار العظام المشهورة النهر العظيم المسمى طنايس مبدؤه من الشمال وعليه كثير من مساكن الصقالبة وغيرهم من الأمم الواغلين في الشمال وغيره من الأنهار الكبار مثل نهر دنبه وملاوة وهذا اسمه بالصقلبية أيضا وهو نهر عظيم عرضه نحو من ثلاثة أميال وهو وراء القسطنطينية بأيام عليه دور النامجين والمراوة من الصقالبة، وقد سكنها كثير من البرغر حين تنصروا، وقيل إن منه يأخذ نهر ترك الّذي هو نهر الشاش المقدم ذكره
فأما البحر المحيط الّذي هو عند أكثر الناس معظم البحار وعنصرها وأنها منه تتشعب، ويسميه كثير منهم الأخضر، ويسمي باليونانية أوقيانس وأكثر نهاياته مجهولة عند ابطلميوس وغيره فإنه يبتدئ من نهاية العمارة في الشمال الى أن يصير الى المغرب وينتهى الى نهاية العمارة في الجنوب وليس له في غربيه ولا شماليه نهاية محدودة، ويتصل ببحر الصين مما يلي الزابج وجزائر المهراج وشلاهط وهرلج، وفي هذا البحر مما يلي مغربه الجزائر المسماة الخالدات ومما يلي شماله الجزائر المسماة برطانية وهي اثنتا عشرة جزيرة، وعليه من بعض جهاته كثير من مدن الأندلس والافرنجة ومن جهة أخرى مدن من مدن