النكاح الذي هو ضد السفاح، ولم يأت في القرآن النكاح المراد به الزنا قط ولا الوطء المجرد عن عقد، والتحريم لا يكون إلا بدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع ولم يوجد، وقياس السفاح على النكاح غير صحيح.
والقصد هاهنا التنبيه على ما في هذا التعليل من الإشكال، وذلك أن الجزئية الحاصلة بين المتناكحين إنما هو اختلاط جزئه بجزئها. لا أن جزءه اختلط بها حتى يقال: إن القياس يقتضي أن لا يطأ الرجل زوجته بعد الوطئية الأولى؛ لأنها صارت بمنزلة جزئه لشيوع جزئه فيها، فإن هذا لا يقوم عليه دليل، بل إذا وطئ الرجل وأنزل، وأنزلت المرأة اختلط الماء فكان منهما الولد، فإضافة الولد إلى كل من الأبوين باعتبار أنه مخلوق من جزئهما، لا أن جزءه شاع فيها، ولا يكون المستمتع بزوجته بعد وطئها مستمتعًا بجزئه، حتى يقال إن الاستمتاع بالجزء حرام إلا في الموطوءة. ولو أن المرأة صارت حاملًا لا يكون بوطئها في حالة الحبل واطئًا بجزئه؛ فإن جزءه وجزءها قد اختلطا واستقرا في قعر الرحم. قال تعالى: {ألم نخلقكم من ماء مهين * فجعلناه في قرار مكين * إلى قدر معلوم}. ولا تصير أصولها وفروعها كأصله وفروعه إلا في حقهما خاصة، وتحل أصولها وفروعها لأصوله وفروعه، وبالعكس، حتى يجوز لابن الزوج من غيرها أن يتزوج ببنتها من غيره.
قوله: (ولا يجوز تزوج المجوسيات لقوله عليه الصلاة والسلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب، غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم").
أول هذا الحديث رواه مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه: "أن عمر -رضي الله عنه- ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال