دليل؛ فإن الأصل حلها لقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}. وإنما ذكروا في الاستدلال على تحريمها قوله -عليه السلام-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه. وفي الاستدلال بهذا الحديث على تحريم حليلة الابن من الرضاع نظر، وكذلك موطوءة الأب من الرضاعة؛ فإنه -عليه السلام- قال: "ما يحرم من النسب"، ولم يقل: ما يحرم بالمصاهرة، ولا ذكر تحريم الجمع في الرضاع، والصهر قسيم النسب. قال تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا}. فالعلاقة بين الناس بالنسب والصهر، وهما سببا التحريم، والرضاع فرع على النسب، وتحريم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها لئلا يفضي إلى قطيعة الرحم المحرمة، ومعلوم أن الأختين من الرضاع ليس بينهما رحم.
فإن قيل:/ القائلون بحل حليلة الابن من الرضاع، إنما بنوه على أن لبن الفحص لا يتعلق به تحريم؛ فإذا لم يثبت أن لبن الفحل لا يتعلق به تحريم لا يثبت ما بني عليه. فجوابه: أن المقصود في تحريم هذه نزاعًا، وبقي النظر في المأخذ، فإذا لم يثبت مأخذ نفى التحريم بلبن الفحل بقي المأخذ الآخر.
قوله: (لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر