ومن السنة أحاديث عدي بن حاتم وأبي ثعلبة الخشني المخرجة في السنن والمساند فهاهنا عن عدي بن حاتم قال: "قلت يا رسول الله إني أرسل كلبي وأسمي، فقال: إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فكل، فإن أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، قلت: إني أرسل كلبي أجد معه كلبًا آخر لا أدري أيهما أخذه؟ فقال: لا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" فأمره بأكل ما سمى عليه ونهاه عن أكل ما شك في تذكيته، وعلل ذلك بأنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر، فجعل المانع من حل صيد الكلب الآخر ترك التسمية كما جعل فعل التسمية عليه لحل صيد كلبه وهذا من أصرح الأدلة وأثبتها في جعله وجود التسمية شرطًا في الحل، وعدم التسمية مانعًا من الحل، ولم يفرق بين تركها ناسيًا أو عامدًا وعن أبي ثعلبة الخشني قال: "قلت يا رسول الله إنا بأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس يعلم مما يصلح لي؟ فقال: ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل" فهذا أبو ثعلبة يسأله عما يحل له من ذلك وهذا سؤال من يطلب أن يبين له جميع ما يحل له من ذلك فلم يحل له إلا ما ذكر اسم الله عليه، فلو كان يحل له ما ترك التسمية عليه نسيانًا أو عمدًا لم يكن ما ذكره جوابًا له وأحاديث عدي وأبي ثعلبة وإن كانت في الصيد فإنه يؤخذ منها حكم الذبح بطرق الأولى، فإن حال الاصطياد حال قد يدهش الإنسان ويذهل عن التسمية فيها.