وأما الإجماع فهو ثابت قطعا. قال أبو المعالي: المقصود بالصوم في الشريعة وجهان: أحدهما: كسر الشهوتين؛ شهوة البطن والفرج، فإنهما إذا أرسلا على شهواتهما ولم تعود النفوس كسرها دعتا إلى الوقوع في المحظور. وإذا تعوَّد الإنسان إمساكهما عن المباح وأخذ نفسه بذلك قدر على إمساكهما عن الممنوع. فكأن الصوم في الشريعة إمساك عن مباح ليكون حمى للممنوع، وعليه نبه -صلى الله عليه وسلم-:"أَلاَ وَإِنَّ لِكُلَّ مَلِكِ حِمَى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارمُهُ" (?). والوجه الثاني: أن المقصود أيضًا كسر الشهوتين. لكن ليس للاعتياد، بل يحصل من نفس الكسر قمع النفس عن شهواتها ومنعها من الاسترسال على لذاتها. وإليه الإشارة بقوله-صلى الله عليه وسلم- "الصَّوْمُ جُنَّةٌ" (?).

وإذا ثبتت هذه المقدمة، قلنا بعد هذا: المقصود من الكتاب ينحصر في خمسة فصول: أحدها: شروط الصوم، والثاني: أركانه، والثالث: تفصيل ممنوعاته، والرابع: حكم ما يجب بارتكاب الممنوعات، والخامس: حكم مقتضيات الفطر. لكن شأننا في هذا الإملاء أن ننبه على الترتيب الواجب ثم نحاذي رتبة الكتاب فنقول [ما أمكن. ولنذكر هذه الفصول جملة فنأخذ على تفصيلها في ترتيب الكتاب فنقول:] (?).

...

أما (?) الفصل الأول: (شروط الصوم)

فإن للصوم شرطين: شرط وجوب، وشرط أداء؛ فأما شرط الوجوب فالبلوغ (?)، فلا يجب الصوم على غير البالغ. وهل يؤمر به المطيق قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015