ويمكن تقسيم مصادره إلى ثلاثة أقسام: مصادر صرح بأسمائها، ومصادر لم يصرح بها وإنما صرح بمؤلفيها (?)، ومصادر أبهمها.
فبالنسبة للمصادر التي صرح بها أو صرح بمؤلفيه، أول ما نذكر منها:
1 - المدونة؛ المصدر الذي يعتبر محور الكتاب وأساسه، وقد يعبر عنه أحياناً بالكتاب وأحيانًا أخرى بالمدونة؛ ولعل هذا من تصرف النساخ، وإن كان هناك احتمالاً بأن يقصد بالكتاب تهذيب البراذعي، لأنه بعد ظهوره أصبح البعض يطلق عليه مصطلح الكتاب، وعلى المدونة مصطلح الأم، ولكن هذا بعيد لسببين: أولهما: أن مصطلح الأم لم أقف عليه في كتاب التنبيه، ثانيهما: أنه من خلال تتبعي للنصوص التي نسبها للمدونة أو الكتاب وجدتها كلها في المدونة. فتبين لي أن المصطلحين لمسمى واحد.
وبما أن المدونة كانت مصدراً رئيساً عند ابن بشير، بل هي محور كتاب التنبيه وقطب رحاه، حتى عد شرحاً لها، أرى أن ذلك يدعوني للحديث عن موقفه منها.
من المعلوم أن ابن بشير ينتمي إلى المدرسة القيروانية، التي توسم بأنها أثرية تركز على نصوص المدونة، وتدارسها وتناقشها، وتخرج عليها، يقول أبو العباس المقري: "أما الاصطلاح القروي، فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب وتصحيح الروايات، وبيان وجوه الاحتمالات، والتنبيه على ما في الكلام من اضطراب الجواب واختلاف المقالات مع ما انضاف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف على حسب ما وقع في السماع، وافق ذلك عوامل الإعراب أو خالفها" (?).