أُمُّ سَلَمَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنَيَّ صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ قُلْتُ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ إِنَّهُ يُشِبُّ الْوَجْهَ فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ وَتَنْزِعِيهِ بِالنَّهَارِ وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ
قَالَتْ قُلْتُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُحِدَّ لَا تَكْتَحِلُ بِشَيْءٍ يُزَيِّنُهَا وَيُشِبُّهَا فَإِنِ اضْطُرَّتْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَعَلَتْهُ لَيْلًا وَمَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ وَكُلُّ مَا جَاءَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ اكْتِحَالِ الْمَرْأَةِ الْمُحِدِّ فَهَذَا يُفَسِّرُهُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْفُقَهَاءِ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ الْحَادُّ إِلَّا أَنْ تُضْطَرَّ فَإِنِ اضْطُرَّتْ فَتَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ وَيَكُونُ الْكُحْلُ بِغَيْرِ طِيبٍ وَلَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكُحْلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الزِّينَةِ وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنْهُ بِالنَّهَارِ مَعَ اضْطِرَارِهَا إِلَيْهِ وَأُبِيحَ لَهَا بِاللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ خِلَافُ النَّهَارِ فِي رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ الشافعي