. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQموطن الشاهد قوله: «ولا طيرة» . ومن المعلوم أن المنفي هنا ليس هو وجود الطيرة؛ لأن الطيرة موجودة من جهة اعتقاد الناس، ومن جهة استعمالها، وكذلك العدوى موجودة من جهة الوقوع؛ ولهذا قال العلماء: النفي هنا راجع إلى ما تعتقده العرب ويعتقده أهل الجاهلية؛ لأن (لا) - هنا- نافية للجنس واسمها مذكور، وخبرها محذوف، لأجل العلم به، فإن الجاهليين يؤمنون بوجود هذه الأشياء، ويؤمنون أيضا بتأثيرها، فالمنفي ليس هو وجودها وإنما هو تأثيرها فيكون التقدير هنا: لا عدوى مؤثرة بطبعها ونفسها وإنما تنتقل العدوى بإذن الله- جل وعلا-، وكان أهل الجاهلية يعتقدون أن العدوى تنتقل بنفسها، فأبطل الله ذلك الاعتقاد- فقال -عليه الصلاة والسلام-. " لا عدوى " يعني: مؤثرة بنفسها.
" ولا طيرة " أي: مؤثرة أيضا، فإن الطيرة شيء وهمي يكون في القلب، لا أثر له في قضاء الله وقدره، فحركة السانح، أو البارح، أو النطيح، أو القعيد، لا أثر لها في حكم الله وفي ملكوته، وفي قضائه وقدره، فخبر (لا) النافية للجنس تقديره (مؤثرة) أي: لا طيرة مؤثر، بل الطيرة شيء وهمي.
وكذلك قوله: «ولا هامة ولا صفر» . . إلخ الحديث.
وقد سبق بيان أن خبر (لا) النافية للجنس يحذف كثيرا في لغة العرب إذا كان معلوما، كما قال ابن مالك في آخر باب (لا) النافية للجنس في الألفية:
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر ... إذا المراد مع سقوطه ظهر
" ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى» . يعني لا عدوى مؤثرة بنفسها، بل بإذن الله - جل وعلا-.