. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالمؤازر، والوزير، وقوله تعالى: {وَمَا لَهُ} [سبأ: 22] أي: الله تعالى، و: {مِنْهُمْ} [سبأ: 22] يعني: من تلك الآلهة، ما له من وزير ولا معاون؛ لأنه قد يتبادر إلى ذهن بعض الناس أن ثمت من يعين الله على تدبير الأمور وتصريف الشؤون، كالملائكة أو الأنبياء؛ فيظن أنه إذا توجه إلى أولئك بالدعاء وبالطلب، كان قد توجه إلى من يعين الله، فيعتقد أنه إذا طلب من الله فإن الله لن يرده؛ لأنه ممن يعين الله! وقد بنوا هذا الاعتقاد الفاسد على تشبيه الخالق - تعالى - بما يحصل من المخلوقين بعضهم لبعض؛ فإن الملك في هذه الدنيا، أو الحاكم، أو الأمير إذا كان له من يعينه، ومن يظاهره، وشفع هذا المعين لأحد فإنه لا يرد شفاعته؛ لأنه يحتاجه؛ فلأجل هذه الحاجة لا يرد الأمير، أو الملك، شفاعة من كان له ظهيرا، فلما ظن هؤلاء المشركون أن بعض تلك الآلهة معاونة لله - جل وعلا - نفى الله هذا الاعتقاد الجاهلي، وهذه هي الحالة الثالثة. ثم نفى أخيرا آخر اعتقاد، وهو: أن تلك الآلهة تملك الشفاعة، فقال جل وعلا: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] [سبأ: 23] فنفى - آخر ما نفى - الشفاعة، وأثبتها بشرط فقال: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] وهذه هي الحالة الرابعة.
إذن: فالآيات التي سبقت من أول الباب إلى هنا رتبها الإمام - رحمه الله - ترتيبا موضوعيا؛ ووجه الاستدلال في الآية الأولى والثانية: أن الشفاعة ملك