فإن قيل: قد يقع الاتباع، وإن اختلف قصد التابع، وقصد المتبوع إذا استويا في صورة الفعل، ألا ترى أن المتنفل إذا صلى خلف المفترض فهو تابع له وقصده يخالفه.
قلنا: لا يكون التابع متأسياً بالمتبوع إذا خالفه في قصده، ولهذا لو صلى النبي صلى الله عليه وسلم وصمنا لم نكن متأسين به، فأما المتنفل خلف المفترض فإن قلنا يكون تابعاً فلأن الصلاة المفروضة تجمع قرية وإسقاط فرض، والمتنفل (متقرب فهو تابع) في القربة دون إسقاط الفرض فلهذا جوزنا أن يسمى تابعا، ألا ترى أنه لو اقتدى المفترض بالمتنفل لم يجز ولم يعد تابعاً لأنه خالف في قصده ونيته.
898 - دليل آخر: أنه لا يخلو أن يجب مثل فعله علينا باعتبار الوجه الذي أوقعه عليه فهو قولنا، أو يجب من غير اعتبار الوجه الذي أوقعه عليه فيجب أن يلزمنا مثل فعله حتماً، وإن علمنا أنه فعله على وجه الإباحة أو الندب، والإجماع ودليل (التأسي به) يمنعان من ذلك.
فإن قيل: ما تنكرون أن تكون مصلحتنا أن نفعل مثل (ما فعله) إذا لم نعلم الوجه الذي أوقع الفعل عليه. فأما إذا علمنا أنه أوقعه لا على وجه الوجوب كان فعلنا له واجباً مفسدة.