جواب آخر: أن القرائن كثيرة لا تحصى فلا يمكن حصرها فيضعوا العموم مع كل قرينة لما تقتضيه.
فإن قيل: أهل اللغة لم تضع (اسم) الحمار للرجل البليد حقيقة واستعملوا لفظ العموم في البعض حقيقة.
قلنا هذا نفس الدعوى وفيه وقع (النزاع).
675 - دليل آخر: أن القرينة تدل على أن المتكلم استعمل لفظ العموم في البعض، فإن كانت قد دلت على أن المتكلم استعمل ذلك فيما وضع له فهو رجوع إلى قول أصحاب الوقف لأنهم يقولون: إن ألفاظ العموم وضعت في الأصل للبعض والكل وضعا واحداً فوجب التوقف، وإن كان استعمله في غير ما وضع (له) فهو المجاز.
فإن قيل: هلا قلتم إن القرينة كالعهد في وجوب انصراف العموم إلى ما يقتضيه ولا يكون مجازاً؟
قلنا: لام التعريف وضعت لتفيد ما السامع به أعرف فإن كان بينه وبين المتكلم عهد فهو به أعرف فانصرف الكلام إليه، وإن لم يكن بينهما عهد فليس يعرف إلا الجنس فانصرف إليه، بخلاف المخصص فإنا لا (نعلم) أن بعض العموم غير مراد إلا بدليل، وذلك عدول عن (موضوع) العموم فكان مجازاً.