واحتج: بأن الاجتهاد من فروض الكفايات، فجاز أن يتكل فيه البعض على البعض كالجهاد يتكل على البعض الذين تقع الكفاية بهم في رد العدو وإذلاله.
والجواب: أنا لا نسلم أنه مع وجود آلة الاجتهاد وحصول الاختلاف في الحكم يكون من فروض الكفايات، بل يجب على كل مجتهد النظر في ذلك الحكم إذا نزل به، ويصير نظيره من الجهاد نزول العدو بكل فريق من المسلمين، فإنه يجب على الكل الجهاد.
واحتج محمد: بأن الأعلم له مزية لكثرة علمه وبصيرته بطريق الاجتهاد، وأخذ الإنسان باجتهاد نفسه له مزية، وإحاطته بظن نفسه وثقته باجتهاده، وليس من اجتهاد الأعلم على ثقة، فإذا اجتمعا تساويا فتخير بينهما.
والجواب: إن هذا يبطل باجتهاد من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم مع اجتهاد من لم تطل صحبته، فإن للطويل الصحبة مزية بكثرة سماعه من الرسول وقوة معرفته بمقاصده وأنسه) بكلامه، ثم لا يجوز لمن لم تطل صحبته تقليده لأجل ذلك إذا تساويا في العلم لم يقلد أحدهما الآخر، وإن كان الصحابي له مزية الصحبة (والمحاضرة للرسول صلى الله عليه وسلم - وسماع التنزيل).