كالذي هو وسيلة، وكالمجتهد في القبلة، ولا يلزم قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول الإجماع لأنه لا يجوز تركه باجتهاده.
فإن قيل: يلزم العامي [أن لا يتبع] مثله، ويتبع العالم.
قيل: إنما لم يتبع مثله، لأنهما استويا في عدم الأدلة المؤدية إلى الحكم، واتبع العالم لتحققه بآلة الاجتهاد دونه في مسألتنا لا خصيصة له عليه، وهو من ظن نفسه على يقين، ومن ظن غيره على شك فلم يجز اتباعه، يؤكد هذا: أن العامي يجب اتباع العالم، ولا يجب على المجتهد اتباع من هو أعلم منه، بل له أن يخالفه في اجتهاده، فافترقا، ولأن الأصل أن لا يتبع الإنسان قول غيره، وإنما جوزنا للعامي لقيام الدليل، وبقى العالم على الأصل.
احتج الخصم: بقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وهذا قبل اجتهاده لا يعلم حكم الحادثة.
والجواب: إنها حجتنا، لأنه شرط أن لا يعلم، والمجتهد عالم بطرق الاجتهاد، وبطرق الأدلة.
وجواب آخر: أن المراد بها العامة بدليل أنه أمرنا بالسؤال، والمجتهد لا يجب عليه السؤال، وإنما يجب على العامي، وعين أن يكون المسؤول من أهل الذكر، فاقتضى أن يكون السائل من غير أهل الذكر، وإلا كان مأموراً بسؤال نفسه، لأنه من أهل الذكر، فيكون السائل هو المسؤول.