فصل

في كيفية فتوى المفتي

إذا سئل المجتهد عن الحكم لم يجز أن يفتي بمذهب غيره، لأنه سئل عما عنده، فإن سئل المجتهد عن مذهب غيره جاز له أن يحكيه، لأن العامي يجوز له حكاية قول غيره، ولا يجوز له أن يفتي بما يجده في كتب الفقهاء، أو بما يفتيه به فقيه، وإذا سئل المفتي عن مسألة، فإن كان قد تقدم له فيها اجتهاد وقول وهو ذاكر لطريق الاجتهاد والحكم جاز له أن يفتي بذلك، وإن لم يكن قد تقدم له فيها اجتهاد لم يجز أن يفتي حتى يجتهد، فإن ذكر الحكم، ولم يذكر طريق الاجتهاد لزمه أن يتذكر طريق الاجتهاد، ويعيد النظر في ذلك فإن أداه اجتهاده إلى ذلك الحكم أفتى به، وإن أداه إلى غيره أفتى به، فإن أفتى باجتهاده، ثم تغير اجتهاده، فإن كان المستفتي قد عمل بما أفتاه لم يلزم المفتي أن يعرفه اجتهاده، ولا يلزم المستفتي نقض ما عمله، وإن كان لم يعمل بما أفتاه لزم المفتي تعريفه ذلك إن أمكنه، لأن العامي يعمل بذلك الحكم، لأنه قول ذلك المفتي، ومعلوم أنه ليس هو قوله في تلك الحال، فإن لم يعمل ومات المفتي، فهل: يجوز للمستفتي العمل بما أفتاه؟ يحتمل أن لا يجوز، لأنه لا يدري أنه لو كان حياً كان قائلاً بذلك الحكم وذاكراً لطريقة الاجتهاد فيه أم لا؟ ويحتمل أن يجوز، لأن الظاهر أنه قول ذلك الفقيه إلى أن مات، وموته قد أزال عنه التكليف فأمن أن يعيد الاجتهاد فيرجع عن ذلك الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015