وما لا فائدة فيه فلا يثاب عليه، ولا يكلفه، وذكر بعضهم دليلاً آخر، فقال: الأحكام كلها ألطاف ومصالح، فإذا جعلت إلى اختيار المكلف، وهو يجوز أن يختار المصلحة، ويجوز أن يختار المفسدة لم يجز أن يجعل ذلك إليه.
فإن قيل: لا يجوز أن يختار المفسدة مع قول الله (تعالى له): فإنك لا تحكم إلا بالصواب، فقد تقدم الجواب.
فإن قيل: فما تنكر أن تكون مصلحته أن يختار؟، كما جعل مصلحته ما يذهب إليه، ويحكم به بخبر الواحد أو القياس، وإن لم يتفق أن يكون ذلك صواباً يتضمن المصلحة أبداً.
(قلنا): لو كان مصلحته ما يختار لسقط التكليف عنه، لأنه إن شاء فعل (وإن شاء) لم يفعل، وهذا صفة الإباحة لا صفة التكليف، (ويخالف الخبر والقياس، فإن القول بموجبهما لا يؤدي إلى إسقاط التكليف)، لأنه لا يفعل بما (شاء) من ذلك، ولكن بما يقتضيانه.